الزكاة ودورها في التنمية الاقتصادية.

                 

الزكاة ودورها في التنمية الاقتصادية.

وبالرغم من هده الخاصية المميزة للزكاة،ورغم ارتباطها فوق دالك بعبادة أخرى هي الصلاة في مواضع كثيرة،فإنها لم تلق من المسلمين في العهود الاخيرة ماتستحقه من عناية وهتمام،بل إن الزكاة اليوم،دات طابع شخصي وصبغة اختيارية،أذ لا يلتزم بها إلا بعض المسلمين الذين يؤدونها عن طيب خاطر وعلى النحو الدي يريدونه،وبدالك ضيع المسلمون ورقة رابحة،هم أحوج ما يكونون إليها في جهادهم من أجل التنمية الاقتصادية الحقيقية والداتية.

وإشعاع الزكاة كقيمة عقدية واقتصادية واجتماعية لم يغب على المستوى العملي فحسب،بل وعلى المستوى النظري الاعتقادي أيضا،فقد بات أكثر المسلمين،فضلا عن خصومهم،وتحت ضغط فداحة المشكلة الاقتصادية المتفاقمة لعالمنا المتخلف أو النهوض بأوضاعه الاجتماعية المتردية،ويعتبرونها في أحسن الحالات مساعدة مالية يتبرع بها محسنون كرماء على الفقراء والمعوزينةلحل بعض مشاكلهم الآنية،بل إن خصوم الاسلام،عن جهل او تجاهل،يسخرون من فريضة الزكاة،ويعتبرونها ،نظرا لنسبتها التي يرونها هزيلة للغاية،وسيلة لتبرير استغلال الاغنياء للفقراء،وحجر عثرة في طريق صراع الفقراء ضد الاغنياء.

ونحن،وإن كنا لا نزعم أن الزكاة علاج سحري لكل أزماتنا الاقتصادية،ومعضلاتنا الاجتماعية،إلا أننا نعتقد في فاعلية هدا المبدأ الاصيل في حياة المسلمين الجماعية خاصة حينما تطبق منظومة مبادئ متكاملة تشكل في مجموعها هيكل السياسة المالية للاسلام،وحينما تطبق هده اليسياسة بدورها في إطار منظومة من السياسات الاخرى(الاقتصادية،التربوية...) والمحصنة بالمفاهيم الاسلاميةالمتميزة عن الانسان والكون والحياة.

الزكاة وصلتها بالاستتمار.

صلة الزكاة بالاستتمار صلة وثيقة جدا لدرجة يمكن القول معها بأن الاستتمار أساس الزكاة لكونها لا تهم إلا الاموال النامية بالفعل أو القابلة للنماء،بمعنى تلك التي تدر على صاحبها ربحا وريعا،أو تلك التي تكون هي داتها دخلا تمخض عن عملية استتمار سابقة،جاء في مقدمة ابن رشد" الزكاة مأخودة من الزكاء وهو النماء،ومن دالك زكا الزرع إدا نما وطاب وقيل إنما سميت بدالك لأنها لا تؤخد إلا من الاموال التي ينبغي فيها النماء لا من العروض المقتناة."

وهدا ما يفسر إعفاء الاموال الجامدة لأسباب قاهرة من الزكاة  كأموال البتامى التي لاتجد من يقوم باستتمارها،وهو ما نص عليه بعض الفقهاء:"ليس في مال اليتيم  ولا معتوه زكاة إلا أن يعمل به"لأن من كان ممنوعا من التصرف في ماله بكل حال فلا زكاة عليه إلا لحول واحد وإن قام أحوالا كثيرة كالمغصوب والملتقط والدين والقرض،فحق الزكاة  إدن مرتبط بتنمية المال وترويجه،وهدا ماجعل الفقهاء يعللون الزكاة بالنماء والانتاج حتى أن الامام أحمد قال في الزكاة في الحلي الدي يكرى ذون الدي يلبس وقال بها ابو حنيفة وفي الخيل المختلط دكورا وإناثا دون الدكور وحدها.

وبهدا فالزكاة تعمل على صون رأؤ المال وحفضه من التآكل باعتبارها حافزا لاستتماره وإنمائه،وقد اختلفت آراء الفقهاء في زكاة قيمة الاستتمارات هل تشملها هي داتها أم تسمل فقط مداخيلها،وبشكل عام يمكن التمييز بهدا الصدد بين ثلاث آراء فقهية تفضي كلها إىى نتيجة واحدة هي :  الزكاة حافز مهم للإستتمار الاموال وترويجها  في مشاريع إنتاجية.

وإدا كان الاستتمار أساس الزكاة،فإن الزكاة يمكن أن تكون أساس الاستتمار ودالك انطلاقا من اعتبارين أساسيين لابد من استحضارهما حتى يتسنى لنا إدراك دور الزكاة فب الاستتمار.

-مسؤولية الدولة عن الزكاة:إن الدولة الاسلامية باعتبارها القائمة على تطبيق شرع الله،والراعية لمصالح مواطنيها المسلمين هي المسؤولة عن جباية الزكاة ممن تجب عليهم وصرفها إلى مز تجب لهم.

-كون الزكاة فريضة شرعية/إجبارية يتكلف بجمعها جهاز إداري تشرف عليه الدولة يعني أن موارد هامة،مالية وعينية،سيتم تجميعها سنويا مما سيتيح استغلالها على نحو أفضل من توزيعها على مستوى فردي.

-شكل مساعدة الحرفيين وذوي الصناعات من الفقراء بتمكينهم من شراء أدوات الانتاج اللازمة لمزاولة حرفهم.

-شكل الاستتمارات التي تدر مداخيل دورية لصالح فئة الفقراء التي لا يمكنها أن تمارس أي نشاط إنتاجي لسبب من الاسباب القاهرة،وهدا ما يتوافق مع مدهب القائلين بإعطاء الفقراء كفاية سنة.

ومن إيجابيات الزكاة على المستوى الاقتصادي، أنها تعمل على التخفيف من الآثار التضخمية.وتحافظ بدالك على استقرار القدرة الشرائية للنقوذ خاصة لدى الفئات الفقيرة دوات المداخيل المحدودة والثابتة.

إن الزكاة باعتبارها حقا للفقراء في أموال الاغنياء كما جاء في حذيث معاد بن جبل رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره أن يقول لأهل اليمن أن الله فرض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم. إن هده الخاصية التي تتمثل في انتقال المال من فئة الاغنياء الى فئة الفقراء تجعل منها أداة للرفع من القيمة أو المنفعة الحدية للمال.